فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ – الرعد 17

el-karamatt222

الناشر: الفقير لله والغني بفيضه ناجي الحازب آل فتله

 

 

 

 

 

 

 

الملصق

للتواصل

 

السنور

جرائم الأحتلال

أعمال شعرية

أعمال تشكيلية

المقالات

المستهل

 

الثورة السورية:سيناريوهات الحرب المرتقبة
بقلم: المنسوب إليها موقوتاً

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه الكريم , وآله وصحبه الطيبين الطاهرين وبعد :
في مقالة سابقة لي تحدثت بشكل مختصر عن أهم الأطراف الفاعلة على الساحة السورية , والتي يمكن أن يكون لها قدم ثقيلة ويد في صنع القرار والتأثير على خصومها مستقبلا , إضافة إلى قوى قد تظهر كاستجابة ٍ تفرضها الأوضاع .
ولاتزال هذه الساحة تحير الكثيرين بسبب ما يمكن أن تؤول إليه الأحداث مستقبلا , فهي ليست كغيرها قطعا , فسوريا يحكمها نظام طائفي أستمر لأربعين عاما , مع إنقلابات وإغتيالات في لبنان وسوريا , وتخوين وسجن وإبعاد لمعارضين طال شقيق الرئيس الهاك حافظ الأسد شخصيا , ثم المشاركة في المشروع الرافضي الكبير الذي ضُخت و تُضخ فيه أموال طائلة لبناءه , حتى صار قويا منافسا لخصومه في منطقة تمتد من اليمن حتى إيران فالعراق وسوريا ولبنان , هذا المشروع الذي وإن بدا في بداية نشأته منفصلا , إلا أنه الان أصبح كيانا موحدا متحد المصير والرؤى بوجه من يتآمر عليه , عُرف لدى المحللين بإسم " الهلال الشيعي " .
في هذه المقالة سأحاول تقديم بعض السيناريوهات المحتملة لما يمكن أن يحدث على الساحة السورية , وقد تكون خطوطا عريضة تندرج تحتها بعض السيناريوهات الفرعية التي لا أتطرق إليها ,أو تعتبر خطا توازيه بعض الإحتمالات الأخرى بصورة مختلفة قليلا , وليس هدفي هو عرض السيناريو مجردا كقراءة ومتابعة فقط , بل هي محاولة لتفرس فرص أهل الجهاد في هذه الظروف والظهور بمنهجهم, وفي نهاية كل سيناريو سأعرض -بعض - مايمكن أن يواجه الإخوة أصحاب المشروع الجهادي على الساحة من عوائق ومصاعب , مع إستخدام السلاح الملائم لهذه الساحة , وأدوات القوة المناسبة والمتوفرة , وإستغلالها بما يخدم المشروع , خصوصا ما سأركز عليه هنا ألا وهو الحاضنة الشعبية وقبول الناس لهذا الطرح , ومايمكن أن تقوم به الألة الإعلامية للعدو ولأهل المناهج المنحرفة لضرب هذا المشروع المبارك .
فهذا مايهمني بالدرجة الأولى هنا , أي قبول المسلمين لطرح أهل الجهاد , والرضا به منهجا بديلا عما اعتادوا عليه , إضافة لبعض النقاط الأخرى التي قد أمر عليها مرورا سريعا , أما بقية الجوانب فحسبي بوجود بعض الإخوة , الذين يفوق أحدهم مئة من أمثالي في القراءة والبحث والتحليل .فتركيزي كما قلت منحصر في البحث عن فرص الظهور بالمنهج وغرس المشروع الجهادي في قلب الشام في ظل سيناريوهات تبدو -لي- أنها الأكثر رجحانا للحدوث .ولا أنسى ان أمر مرورا سريعا على أدوات القوة وماتمكله الجماعات الجهادية -عادة- وتوظيفه لاحقا في خدمة المشروع وإستجلاب الدعم الشعبي , سيما وأن الطرف الآخر يحاول فعل الأمر نفسه ,
وقد يبدو بعضُ ما سأورده هنا سوداويا ومحبطا للقارئ , لكن هذه هي مشكلة المقالات الوصفية , التي تعتني بأخراج الصورة الحقيقية للواقع , فإنها تبدو للبعض جالبة للإحباط والتخذيل , لكن لها - لمن يهمه العمل بعيدا عن العواطف - إيجابية كبيرة وفوائد يظهر ثمرها لاحقا , فيكون العامل للمشروع الجهادي قادرا على إختيار مايناسبها من حلول , وحتى لايقع صاحب المشروع ضحية إهمال جانب كان رغم مافيه من إحباط هو الأهم من بينها كلها .
وما أريد التحدث عنه هنا لخصته في محاور أساسية هي :

1- أدوات الجماعات الجهادية .
2- حاجة الجماعات الجهادية .
3- سيناريوهات الحرب :
أ - تفوق النظام وسيطرته على الوضع .
ب - تراجع قوات النظام , وتقدم المعارضة المسلحة .
ج - إنفلات الأمور , وإنتشار السلاح .
 

أولا : أدوات الجماعات الجهادية .

تمتلك الجماعات الجهادية :
1 - قدرة على ضرب المصالح الإسرائيلية من جنوب لبنان وربما مستقبلا من جنوب غرب سوريا في حال تطورت الاوضاع وأنهارت السلطة الأمنية فيها , فقد قُصف يهود سابقا أكثر من مرة من جنوب لبنان وتبنت كتائب عبد الله عزام هذا الأمر أكثر من مرة في تحدٍ لافت رغم سيطرة الجيش اللبناني واليونيفيل وحزب الله على تلك المنطقة , فأداة " ضرب اليهود " هي ميزة وخصيصة متوفرة لدينا , ويمكن أن تنمو مستقبلا وتتحول من مجرد رشقات صاروخية إلى كابوس يهدد كيان يهود بشكل شبه يومي , بحيث يغدو ملفا حاضرا بقوة , وخبرا رئيسيا على القنوات الإخبارية فيما لو تم تنسيق شبكة محكمة التنظيم بين مختلف الجماعات العاملة لتنفيذ مثل هذا الأمر بشكل متواتر , وسبب إشارتي لهذا ليس كون الرشقات الصاروخية مؤذية بشكل كبير للآلة العسكرية الإسرائيلية , بل لإن هذه الأداة هي أداة تعرية لكل من يقف بوجهها فيما لو تتابعت وحدثت وبكثرة فإنها ستخرج من كونها مؤامرة يدبرها البعض لصرف الأنظار عما يحدث في الداخل إلى عمل بطولي جهادي لايقدم عليه إلا خيرة شباب الإسلام , إضافة إلى كونها أداة رعب بالنسبة للداخل الإسرائيلي وسببا لنزوج الآلاف من يهود بإتجاه الداخل باتجاه الجنوب المغتصب من الكيان الإسرائيلي , وهو أمر لايمكن تجاهله إعلاميا , تماما كما حدث في حرب حزب الله الأخيرة مع القوات الإسرائيلية .
2 - تمتلك الجماعات الجهادية لما لها من موروثٍ عسكري وأمني خبرة وقدرة على التكيف والتخفي والظهور والتلاؤم مع طبيعة المعركة أيا كانت , إضافة إلى سلاح موجع على مستوى حرب العصابات على طريقة دولة العراق الإسلامية والجماعات الجهادية العراقية الأخرى , خصوصا بعد ما أظهرته من تطور مذهل في الصناعة العسكرية في مجال العبوات والقذائف , وهو أمر يمكن توظيفه مستقبلا تبعا للسيناريو المحتمل ومآل الأحداث وطبيعة الخصم و القوة التي سوف تسيطر على الأرض , إضف إلى هذا الأنهيار الأمني المحتمل على الحدود العراقية السورية وإمكانية ضخ خبرات وكوادر جهادية وتسليح إن دعت الحاجة .

ثانيا : حاجة الجماعات الجهادية .

وتحتاج الجماعات الجهادية إلى جانب هذا إلى العمل على محورين هامين مِفصليين :
المحور الأول : الجانب الإعلامي , فهو لايزال متواضعا , ضيقا , محصورا في المنتديات الجهادية وفي أفضل أحواله في شبكة الأنترنت , وهذا أمر لايلائم المشاريع الكبيرة , التي تتطلب حضورا قويا , وإنتشارا على الأرض , وبلاغا مستمرا للمسلمين في كل مكان , لدحض مايمكن أن يثار تجاه هذا المشروع , وتجنبا للتشويه القذر الذي رأيناه على الساحة العراقية , ولست أقصد هنا إلا ظهورا إعلاميا وإقترابا من وسائل الإعلام في بداية الحرب , حتى يغدو الوجه مألوفا , والطرح معتادا عليه – تباعا - , خصوصا وأننا نتكلم عن آلة إعلامية ضخمة لدى الأطراف الأخرى تتعدى الإنترنت لمسافات طويلة .
المحور الثاني : الحضور الإجتماعي , وأقصد به التواجد كتيار إجتماعي ينمو تدريجيا وتكون له كلمة , تحت اي بند مشروع , بصيغة حلف يعمل على حفظ الأمن مثلا , وبحيث يكون العاملين على مثل هذه التيارات هم من أهل المنهج أنفسهم , دون أن تكون لهم سابقة جهادية ولا تثار الشكوك حولهم , وهو أمر متيسر إن علم ان هناك أنصار للمنهج على مستوى علماء وطلبة علم ومثقفين أُلجمت أفواههم لسنين بسبب حكم النظام الطائفي , ويمكن لهذا النوع من المشاريع أن يعمل منفصلا عن إعلانات وبيانات التيار المسلح , وهو من سيعمل على رفع المستوى الشرعي لدى عامة الناس وتهيئتهم لتقبل المزيد ورفع سقف المطالب , والوقوف ضد أي طرح شاذ , وطنيا علمانيا , أو علمانيا إخوانيا .! ولعل المقصد واضح من هذه الدعوة وهذه الإشارة , فالساحة يتسابق عليها الكثير , وكلٌ يعمل بجد من الان لزرع بذوره , ليتحصل الثمر فيما بعد , والناظر إلى اي طرف من هذه الأطراف يرى منه تحركا على أكثر من مستوى , وليس على الصعيد العسكري فقط .



ثالثا : سيناريوهات الحرب .
 

السيناريو الاول : تفوق النظام وسيطرته على الوضع
وإن بدا هذا التوقع مزعجا للبعض , وبعيدا عن التصور في هذه المرحلة التي وصلت إليها الثورة , لكن من باب "توقع الأسوأ لتجنب المفاجاة" أريد المرور على هذا السيناريو سيما وأن له دوافعه القوية وأسبابه , بعيدا عن أحلام من كان يتوقع سقوط النظام قبل رمضان , ثم قبل العيد . ثم فرار بشار بعد الخطاب الثاني , ثم بعد الخطاب الثالث , في صورة عكست النظرة السطحية لدى إعلاميي وقياديي الثورة في قراءة المشهد السوري وفهم طبيعة هذه الساحة والنظام الذي يتعاملون معه .
النظام إلى الان لم يحرك قطعاته الكبيرة العملاقة في العمليات العسكرية, ولم تتدخل وزارة الدفاع في الإشراف عليها , فكما نوهنا فيما سبق , إلى أن تحريك بعض الكتائب وتسيير بعض الدوريات والقوافل العسكرية التي تعرضت لهجمات من المنشقين او من غيرهم كان بتحكم من جهاز المخابرات الجوية المتنفذ الذي تولى هو إدارة الأزمة .
إضافة إلى سلوك النظام الغير مفهوم في تحريك ألويته , فقد قام النظام مؤخرا بتحريك لواء إلى المنطقة الواقعة بين حلب والرقة , وهي منطقة كانت خالية من أي تواجد عسكري كبير بهذه الصورة , و إرساله قرابة التسعة آلاف من القوات الخاصة إلى حلب , بينهم أربعة الاف عنصر من حزب الله مدمجين في هذه القوات , وتحريك مستمر للقطعات من مناطق الداخل حيث حماه وحمص بإتجاه الشمال في إدلب .
وللمرور السريع على توزع القوات السورية ذات القطعات الضخمة أقول : تتوزع القوات السورية حول حمص حيث نخبة القوة السورية التقنية المتطورة متمثلة في الدفاعات الجوية والرادارات ومدن التصنيع العسكرية السرية بمن فيها من الخبراء الروس كذلك المطارات العسكرية , إضافة إلى تواجد يمتد من منطقة القطيفة شمال دمشق حيث الفرقة الثالثة إمتدادا إلى الجنوب حتى درعا والقنيطرة بتواجد ألوية ليست ذات تدريب عال ٍ مثل اللواء تسعين واللواء 61 وماشابه , اما في حلب فالتواجد الطبيعي للقوة العسكرية خفيف كتواجد بعض الكتائب التابعة للقوات الخاصة في منطقة المسلمية حيث مدرسة المشاة ومدرسة المدفعية.
أما حجم المنشقين الى الان فهو لايمثل إلا قرابة 5 - 8 % من حجم الجيش النظامي الذي لايزال متماسكا في قطعاته , ونوعية العمليات التي يقوم عناصر الجيش الحر بتنفيذها ضد قوات النظام , أشبه ماتكون بعمليات التخويف والإزعاج , وتفتقر للتدبير والتخطيط(1) , فلايظن الإخوة ان هؤلاء المنشقون هم أهل خبرة في القتال حتى وإن كانوا أصحاب رتب , فأغلب الذين خدموا في الجيش السوري بعد حرب لبنان في الثمانينات لم يخوضوا أية عملية عسكرية , إنما هي خدمة روتينية لمدة معينة وينصرفون لحياتهم المدنية, ومعلوم ان الخبرة تأتي من خوض المعارك والدخول فيها , وبالتحديد فيما يتعلق بحرب العصابات والتفنن في نصب الكمائن , ومع هذا فهؤلاء لديهم تخصص ومعرفة في مختلف أنواع الأسلحة بحكم خدمتهم في الجيش النظامي , وعموما يمكن أن تأتي الخبرة تباعا مع الأيام إن اقتصرت المعركة على حرب العصابات والكر والفر ويمكن لهؤلاء أن يكتسبوا الكثير خصوصا إن دخل أحد ما لتقديم النصح لهم والإشراف على عملياتهم .
قد يقول البعض إن تعويل النظام على قطعاته الكبيرة يعتبر مجازفة خطيرة , سيما وأن اغلب من فيها هو من العنصر المحسوب على أهل السنة بشقيه العربي والكردي , فهل يُعقل أن يعتمد النظام على تركيبة ملغومة كهذه في مواجهة أعداءه وتثبيت حكمه ؟
هذا الكلام صحيح , لكن من يظن أن مشكلة النظام هي العدة العسكرية من ناحية العتاد أو الجند فهو مخطأ , فليس مبالغا من يتوقع قدرة بشار الأسد على حشد أكثر نصف مليون مقاتل لو تطلب الأمر , وكلهم من المخلصين والمشبعين عقديا , فمن الضرورة معرفة أن مصير الطائفة النصيرية مهدد بشكل خطير لأول مرة في تاريخها بهذه الطريقة المرعبة , ومسألة بقاء الحكم بيدهم من عدمه مسألة حياة أو موت , أو في أقل الأحوال ذلٌ وخطر طويل مديد , قد يستمر لعقود , فهل يعقل أن يتهاون أعيان ومشايخ الطائفة النصيرية ومدبروا القرار في النظام السوري بهذ الشأن ؟
قطعا لا , وبسبب هذا يمكن للنظام أن يحشد ماشاء من طائفته لتسليحهم في غضون أيام(2) , ثم الإعتماد على الكتائب المرتبة المدربة لحزب الله , وعدد غير محدود من بقية الطوائف التي تشترك مع النظام في نفس المصير كالطائفة الإسماعيلية أو المرشدية او الدروز بل وحتى النصارى إلى حدا ما , ثم إضافة إلى هذا لن يتوانى رافضة العراق بميليشاتهم في القتال مع نظام بشار الأسد , وهو أمر حدث في بدايات الثورة ولايزال , فدخول عناصر جيش المهدي إلى سوريا ومشاركتهم في قمع المظاهرات أمر لم يستطع النظام إخفاءه , وأضيف إلى هذا مايمكن لإيران ان تقدمه للنظام السوري في سياق قانوني وهو إتفاقية الدفاع المشترك (3) , وسياق عقدي يتمثل بالحلم الرافضي والمشروع الكبير الذي يعتبر التفريط به خسارة كبيرة , وكلنا يعلم أن الرافضة إلى حد ما لهم رأس يدبر أمرهم وقلَ مايختلفون عند أمره , ففتوى واحدة من كبيرهم الخامنئي(4) بـ "وجوب الجهاد في البلد المسلم سوريا ضد العدوان الغاشم " كافية لحشد رقم صعب من المقاتلين إلى جانب النظام سواء من رافضة العراق أو لبنان أو إيران .
يستطيع النظام خوض معركة طويلة , وتضييق الخناق على المنشقين , من خلال نشر قطعات كبيرة في مختلف انحاء البلاد , وتحويل أمكان تمركزها لتناسب مناطق التوتر , كما فعل في محافظة إدلب حيث قام بنقل لواء كامل من منطقة مصياف في حماه بإتجاهها , بإستنثاء ان هذا الإنتشار قد يكون سلبيا عليه بسبب امر سيرد ذكره في السيناريو الثاني , إلا في حال أحسن النظام التعامل بإحترافية مع الناس , إضافة إلى إغلاقه الحدود الشمالية الغربية ذات المعابر المغذية للجيش الحر , وهو مايفسر تحريك النظام لقوات كبيرة بإتجاه الشمال .
إضافة إلى تهديد تركيا في العمق , حتى تكف عن العبث في الساحة السورية ودعم المنشقين , ويمكن لإيران تحريك بعض العناصر الرافضية في البحرين والكويت وبقية مناطق جزيرة العرب , لإيصال رسائل واضحة عن حجم الشرارات التي يمكن ان تصلهم جراء مواقفهم من الملف السوري .
إضافة إلى هذا , وصل الوضع الإقتصادي والمعيشي في عموم البلاد إلى مستوى صعب , وأصبح من على الأرض يعاني الكثير من فقدان مواد أساسية يومية , فبات البعض يؤيد أي حل يعيد الوضع المعيشي إلى ماكان عليه قبل الثورة , مع ضمان وجود خطة وفترة مرحلية إنتقالية لرحيل الأسد وتغيير النظام , وهو أمر يستغله الرئيس بشكل جيد , ويحرك مشاعر مؤيديه به , فينسب تدهور الوضع المعيشي إلى الثوار أنفسهم لا إلى حكومته .
بجانب الوضع الإقتصادي المتدهور , فُقد الأمان في بعض المناطق وظهرت عمليات سطو ونهب من اللصوص كحال اغلب الساحات التي تشهد نزاعات وحروب وأنهيار لسلطة الأمن فيها , وأصبح التنقل بين المحافظات صعبا حتى على طول الطريق الدولي الذي يعتبر العرق الواصل بين أربع محافظات سورية كبيرة من دمشق إلى حلب بل وينقطع في بعض الأحيان ويصبح مغلقا بسبب التوتر الأمني , كما ألغيت الإمتحانات الجامعية في بعض المناطق وتم تحويلها لمكان آخر بسبب صعوبة الوضع فيهاوتعذر وصول الطلبة إليها (5) .
بعد ملاحظة التردد في مواقف الدول تجاه الملف السوري , والمنح والفرص الكثيرة التي قدمت للنظام للتصرف وحل الموضوع , نرى أن الجميع – القريب والبعيد – يدرك مآلات الحرب في هذه المنطقة , ولايريد أن يحصل مالايُحمد عقباه لاحقا , إذ لو كان الأمر غير ذلك لطبق السيناربو الليبي وأنتهت القصة وأرتاح الجميع .
ومسألة الإنقلاب على المنشقين وتحجيمهم وفرض حلول جاهزة على قياداتهم أمر سهل ومتيسر ثم إعادة ضمهم للجيش النظامي بعد مغادرة بشار وتغير الوضع , كما أن إلزام المجلس الوطني بحلول رمادية ليس صعبا , خصوصا إذا راود الغرب والأمريكان واليهود كابوس العراق وأفغانستان واليمن, فلما المجازفة الخطرة , ولما العبث بالنار ؟
أما الحل الوسطي المرضي للجميع في حال سيطرة النظام بقوته أو عدم سيطرته بالقوة , فهو مصالحة واتفاق على مدة معينة يبقى فيها الرئيس حاكما ثم يغادر لدولة ما (6) , ثم تنتقل السلطة لتكون انتخابات يصل فيها للحكم من هو آمين على متابعة مايرضي الغرب ويرضي كلا ألأطراف المتنازعة .
وقد يستغرب البعض من سيناريو كهذا , والحقيقة أن لاداع للإستغراب , فطالما أن الأمر متعلق بمصير الطائفة النصيرية ووجودها, فلا حاجة لهم لحكم دمشق , ويكفيهم أن يبقى كيان طائفتهم وتسليحها في مأمن تحسبنا لأي طارئ في المستقبل .!
فرص المشروع الجهادي في هذا السيناريو :
بالإعتماد على الأدوات المتوفرة لدى الجماعات الجهادية , يمكن القول أنه في المرحلة النهائية من هذا السيناريو يمكن أن تكون هناك فرصة كبيرة لدى الجماعات الجهادية , لبدء العمليات العسكرية وإستنزاف قوات النظام , وبسبب حالة الإحباط التي يمكن تسود لدى المسلمين لو عاد النظام مسيطرا وقويا , يمكن أن يكون أول الداخلين على الخط هو صاحب الحضور والقبول لدى الناس , وهذا مافعله الجيش الحر بالضبط في بداية الثورة , لما لم يكن هناك من يحمي الناس من بطش النظام , خرجت العناصر المنشقة لتقاوم ما آلم الناس , ونغص عيشهم , فغدوا هم الأبطال , وأصبح الجيش الحر أمل الناس إذ لم يكن أحد سواه يقاوم الأمن والشبيحة .
أما مسألة الرشقات الصاروخية لإسرائيل , فهو أمر وإن تم بأيادي جهادية , ففي مرحلة تسبق حدوث مثل هذا السيناريو , يمكن أن يشك الناس بمثل هذه العمليات , وينسبونها للنظام وحزب الله , في محاولة منهم لصرف الأنظار وإيهام الناس أن الأمور يمكن تتطور اكثر لو استمر دعم الثوار وضُعفت قبضة النظام في الساحة السورية, وهذا الأمر حدث بالفعل , لما أطلقت بعض الصواريخ على شمال الكيان الأسرائيلي منذ أشهر , لم يبق صغير ولا كبير إلا واتهم النظام بالوقوف وراءها , لكن أن تم إستغلال هذه الأداة في المرحلة التي توازي العمليات العسكرية الجهادية ضد قوات الأسد , يمكن أن يكون لها أثر أن تتابعت وكانت كثيرة , وهو أمر سيظهر إعلاميا رغم عن أنف من أبى , وسيرتبط إسم الجماعات المنفذة بهذا العمل العظيم الذي لايستطيع أحد أن يقف ضده إلا ويرمى بالتخذيل والتثبيط بل وحتى الخيانة .
وفيما يتعلق بالتيار الإجتماعي الذي سبق وأشرت إليه , فهو أمر ممكن تطبيقه في أي لحظة ومرحلة من مراحل هذا السيناريو , لكن أثره يكون أكبرا في حال تمكن النظام من السيطرة وبدأت عمليات إستنزاف قواته من قبل الجماعات الجهادية .
السيناريو الثاني : تراجع قوات النظام , وتقدم المعارضة المسلحة .

وهذا السيناريو مرتبط بأمرين : 1- تفكير إيران بالتخلي عن دعم بشار الأسد 2- فشل النظام في إدارة الحرب من الناحية العسكرية , ففي الحالة الأولى وبسبب بوادر الخلافات الداخلية الإيرانية , وخشية إيران من عدم قدرتها على الصمود إقتصاديا لإدارة هذه الحرب , لأنها في حالة كهذه ستكون مسؤولة عن تمويل دولتين وربما ثلاثة , وضخ الأموال اللازمة لإدارة هذه الأزمة الكبيرة , إضافة إلى دعم تحرك بقية الأجنحة في البحرين والكويت والإحساء والقطيف واليمن , فهل ستكون إيران قادرة على تحمل مثل هذا العبء ؟ وهل يمكن لها أن تجد منافذ أخرى ؟ إضافة إلى خشيتها من خسارة البنية التحتية الإيرانية والعودة بالبلاد عشرين سنة للوراء إن هي تعرضت لغارات وضربات جوية تفقدها السيطرة على الحرب وتقلب المعادلة التي تعبت في حسابها .
فبتوقع هذه المخاوف قد تتخلى إيران عن الأسد , ويصبح الأخير مخنوقا , لامصدر للتمويل يغطي مايلزمه , ولاقدرة له على التحرك سياسيا , ففي هذه الحالة يكون خيار دعم الجيش الحر , وإمداده بما يلزمه من مقاتلين من ليبيا أو من اي مكان آخر , وفرض حظر جوي , ومنطقة عازلة على الحدود الشمالية الغربية , تكون هذه الأمور مطروحة بقوة , إضافة إلى تدخل علني أو سري عربي أو دولي لمساعدة عناصر الجيش الحر في القتال وإدارة الحرب , خصوصا إن عمد النظام على نشر قواته على إمتداد الأراضي السورية , والتسبب بخلق حالة كره وعداء من قبل السكان ضد هذه القوات , كيف لا وأغلب من يخدم فيها هم من أبناء هذه المناطق , وهنا فإن إنشقاقات كبيرة يمكن أن نشهدها عندما يصل الأمر لهذا الحد , وعندما يعلم الضباط الكبار في الألوية والفرق الضخمة أن حلفاء النظام تخلوا عنه وانه بات وحيدا ولن يكون قادرا على العودة قويا كما سبق , فالمتحدث بإسم الجيش الحر الرائد " ماهر رحمون النعيمي " في لقاءه مع قناة الجزيرة صرح بإن قوات الجيش الحر قادرة على التقدم من الشمال حيث الحدود السورية التركية إلى قلب سوريا حيث حمص خلال ساعات فيما لو تم تأمين منطقة عازلة .! وفي حالة كهذه , فإن النظام سيلجأ إلى الخروج من المأزق بأقل الخسائر , ولن يكون متمسكا بدمشق , بل سيعمد إلى النزوح والتجمع في مناطق الطائفة التي تواجدوا فيها سابقا قبل قيام دولتهم في المنطقة الممتدة من غربي حمص إلى الساحل فالشمال حتى طرطوس وجبلة واللاذقية ثم الى الشرق حتى غرب حماه , أي المناطق الواقعة إلى الغرب من الطريق الدولي الواصل بين دمشق وحمص وحماه .
ولن يتأخر النظام في هذه الحالة بالتفكير في منطقة حكم ذاتي على غرار كردستان العراق, وأدوات هذا الأمر متوفرة لديه ومتيسرة , ولو اعتمد عليها جيدا وأحسن إستغلالها , فإنه يمكنه التفاوض على هذا الأمر وفرض مايريد, وبالفعل فمنذ بداية الثورة عمد النظام إلى حشد الالاف من طائفته إلى غرب حمص , حتى يحصل على غلبة وتفوق سكاني لصالحه , وهذا التصرف كان الشرارة التي أشعلت المواجهات بين المسلمين وبين النصيرية في المدينة , وأخفى النظام حقيقة ماحصل وقتها .
في حالة تقدم قوات المعارضة المسلحة , فإن النظام لن يتأخر في نقل أجود مالديه من سلاح إلى الجبال , وترتيب أموره , وهو أمر يعمل عليه الان , خصوصا وأن ما بين يديه يعتبر حلم الكثير من الجيوش والعصابات , فهو يتمركز في مناطق جبلية تغطيها أشجار بمساحات شاسعة , إضافة إلى ممرات ضيقة بين الجبال في بعض المناطق , تجعل النظام قادرا على القتال لسنوات إن تحصن فيها , وله شريط ساحلي بحري ومينائين , فهي منطقة ذهبية وكنز يمكن أن يستغله إن أراد, فبعد قتال طويل قد يمتد لأكثر من سنة أو سنتين في تلك المنطقة وعلى خطوط معينة تتحول لجبهات دون تحقيق أية نتيجة أو تقدم من قبل المعارضة المسلحة, بينما تبقى المناطق الأخرى هادئة وأمنة كما حدث بعد تحرير بنغازي التي عادت الحياة فيها طبيعية في الوقت الذي كانت تشهد فيه مدن أخرى عمليات عسكرية , أقول : في مثل هذا الوضع يمكن طرح مسألة الحكم الذاتي للطائفة النصيرية مع الإنتماء الصوري للجمهورية السورية بحجة حقن الدماء , والتأكد من حسن النوايا ومبررات كثيرة لن يعجز كلا الطرفين عن إختراعها لإنهاء القتال والجلوس للتفاوض , وقد يتفق معي الإخوة ,على أن الغرب لايمكن أن يسمح بذهاب قوة الطائفة النصيرية كاملة , وترك منطقة الشام دون خنجر يطعن في خاصرتها إذا ماقوي الإنتماء للإسلام , وفيما لو ظهر مستقبلا تيار سني عقدي يحمل مشروع الخلافة , فما ترغبه فرنسا ومن وراءها دول الغرب , هو كسب الطرفين مع الإبقاء على الطائفة النصيرية فعالة قوية على الساحة , تكون أداة لضرب أي مشروع إسلامي قد يظهر .

ويبقى الكلام عن مسألة تسليح الثورة لتكون شعبية مسلحة , فهو أمر لا أظن ان الغرب سيقع فيه مرة ثانية كما حدث في ليبيا , فانتشار السلاح في الساحة السورية أمر مرعب لليهود ولأوروبا ولتركيا كذلك , وهو ما صرح به الرائد المظلي(7) " ماهر رحمون النعيمي " في لقاءه مع قناة الجزرة حيث قال : "نحن ما زلنا إلى الآن وسنبقى نمنع وصول السلاح لأي شخص كان إلا للجيش السوري الحر ونحن على أتم الاستعداد عندما يسقط هذا النظام بجمع السلاح خلال أسابيع معدودة " إذن فيكون العمل على تأطير حمل السلاح , وجعله محصورا في كيانات مسيطر عليها شرعيا وإعلاميا وقياديا هو الخيار الأمثل والأسلم .
فرص أهل الجهاد في هذه السيناريو :
مع تقدم قوات المعارضة , فإن أي تحليق خارج السرب , عن الحرب المحددة وهي قتال قوات النظام في خط الجبهة في المناطق النصيرية , سيعرض صاحبها للضرب التلقائي , بعد أن يمل الناس من الحرب والقتال , وتكون الرغبة كبيرة عندهم للعودة إلى الحياة الطبيعية , وتكون قوات الجيش الحر قد أصبحت أعلى سلطة عسكرية , ولامبرر من وجود سلاح وجماعات على الساحة طالما أنه يتكفل بقتال قوات النظام , فلما الظهور والإعلان ؟ وماهو المبرر ؟
ولاننسى أن الآلة الإعلامية للتيارات المنحرفة والعلمانية لن توفر جهدا في نقد أو تشويه كل من يحاول فض الصف وشقه , بل يمكن أن ترمى أية جماعة جهادية بإنها ذراع للنظام ظهر لكي يعكر الاجواء , وإلا فلماذا لم نركم في أصعب أوقاتنا ؟ وفي قتالنا مع النظام وجيشه ؟

فيما يتعلق بقصف الأهداف الإسرائيلية من الجنوب اللبناني والسوري , فإن تواتر العمليات في أثناء الحرب وحتى قبل الهدنة يمكن أن يكون له أثر , لكن ورغم هذا , فإن الجيش الحر ومن معه كالمجلس الوطني , سيكون خطابه واضحا بأن هذا الأمر – أي إستخدام السلاح – مناط بسلطة عسكرية عليا ألا وهي قيادة الجيش الحر , والآلة الإعلامية للأحزاب العلمانية والجماعات المنحرفة يمكن أن ترمي فاعلي هذا الأمر بالتسرع وعدم فهم الأمور , وضرب سمعة الثورة . هذا إن لم يتدخل الجيش الأردني لضبط المنطقة الجنوبية المحاذية لحدوده تحت إسم قوات سلام مؤقتة .
أما التيار الإجتماعي فيمكن له أن ينهض دون أية منغصات كما هو الحال في السيناريو السابق .
السيناريو الثالث : إنفلات الأمور , وإنتشار السلاح .
ونحن هنا أمام حالتين :
1- تطبيق جزء من السيناريو الاول بحيث يتلقى النظام دعما إيرانيا , دون أن يسيطر بشكل كامل على البلاد , بسبب رفض الجنود خوض معارك في مناطقهم ومبادرتهم بالإنشقاق عن الجيش النظامي , ففي هذه الحالة سيطغى الخطاب العقدي بشكل كبير , بعد أن تظهر الملامح الرافضية على الكلام , والطرف المعادي , فتكون الحاجة وقتها لخطاب مماثل , يكون وقودا محركا لمئات الالاف من الشباب السني للقتال , و من دول عديدة مجاورة , وتصبح فكرة إنشاء مشروع " مقاومة سنية مقلمة تحت الإشراف " حاجة وضرورة كبيرة , لأن خطاب الجيش الحر في حالة كهذه لن يكون مقنعا بعباراته الوطنية والعلمانية ,و بحيث لاتفلت الأمور من إيدي أصحاب هذا المشروع لتصير إلى أيدي جماعات الجهاد التي تتحين الفرصة للظهور والعمل , كما أن مشروعا كهذا سينظر إليه على أنه حرب الأمة المصيرية ضد المشروع الرافضي الكبير , وسيحضى لاشك بدعم إعلامي وشرعي كبير , وتمويل ضخم , وتغطية لكل مايلزمه , وأعود فأقول أن الحاجة لهذا المشروع , من جهة أنها فرصة لبعض الدول لكسر الأجنحة الإيرانية في المنطقة , ومن جهة أخرى فهي مسارعة لسحب البساط من تحت أقدام المجاهدين فيما لو خططوا للعمل أو المبادرة كما حصل في العراق .
وفي وضع كهذا , فإن السلاح سيكون منتشرا , ويكون حامله منضويا تحت كتيبته التي شكلت كما حدث في ليبيا , ويكون التوجيه من قيادة – شرعية سياسية على الأغلب – مكونة من شخصيات علمية أشتهرت بالرد على الرافضة ومناظرتهم , وشخصيات سياسية لها حضور وقبول عند غالبية الثوار .
ولن يكون بمقدور أحد الخروج عن هذا المشروع , خصوصا إن كان مدعما بواجهة شرعية , يقف وراءها بعد كل فتوى تصدر العشرات بل المئات من الشخصيات العلمية المشهورة .
2- الحالة الثانية من هذا السيناريو هي إنفلات الوضع وإنتشار السلاح مع تقدم المعارضة بإتجاه المناطق النصيرية وتحصن الأخيرين ومقاومتهم لتقدم الثوار , وأسباب الإنفلات في مثل هذه الحالة لايمكن تحديدها , لكن من الجيد توقع مثل هذا الأمر , ووضع مايلزم من خطط للتعامل معه , وكمثال أقول : يمكن للجيش الحر على سبيل المثال فتح باب التطوع في كتائب مستقلة لتدارك إنتشار السلاح بين الناس ولاستعياب من يريد القتال من الثوار المدنيين, بحيث يمكن لهؤلاء المشاركة في القتال حصرا تحت إشراف الجيش الحر , ثم سحب السلاح منهم في الوقت المناسب , وبهذه الصورة يظهر من كان فعلا يريد القتال لا اكثر مع الجيش الحر ضد قوات الأسد , وبين من حصل على السلاح لغاية في نفسه .
فرص أهل الجهاد في هذا السيناريو
ففي الحالة الأولى : يمكن سبق أصحاب المشروع السني المقلم , والمبادرة على أكثر من محور , قبل أن يبادروا هم , وقد يكون من الصعب سبقهم إعلاميا , لكن على الأرض يمكن يكون لأهل الجهاد الكلمة الفصل , خصوصا أن بدأت عمليات إستنزاف للقوات النظامية وكتائبها الرافضية الداعمة , وبثت اخبار يومية عن العمليات , إضافة إلى ضرب المصالح الإيرانية إينما أمكن , فعمل كهذا يمكن أن يقدم للمشروع الجهادي رصيد كبير وحضور قوي , ومنافسا لغيره من المشاريع , فماهو المبرر لتشويه أهل الجهاد وهم أول من تصدى للروافض ؟ وهم ولا أحد غيرهم تولى ضرب المصالح الإيرانية في أكثر من مكان وأكثر من مناسبة ؟
وفيما يتعلق بقصف المواقع الإسرائيلية , فإن كانت كثيرة ورتيبة , بحيث يكون لها حضور إعلامي , لاعمليات يتيمة متباعدة في الزمن , فيمكن لها أن تكون عامل جذب إضافي , ودرعا يقي سمعة المشروع ويلقم أفواه مشايخ السوء بحجارة تريح المسلمين .
أما التيار الإجتماعي , فيمكن له أن يظهر بقوة , وخطابه الشرعي يكون عالي السقف , وليس مضطرا للخوف من شيء , ولالمداهنة أحد , خصوصا مع إعادة بث الاحكام المتعلقة بمسائل الإيمان والكفر , وحكم الروافض والنصيرية في شريعة الإسلام , إضافة إلى الكلام في فقه الجهاد وفضائله بحكم مايحدث في الساحة الان , بصورة مشابهة نسبيا لما حدث في الساحة الليبية , وهو أمر تفرضه الحرب وأجوائها وأحداثها الكبيرة .
أما في الحالة الثانية : فيمكن للتيار الإجتماعي النهوض بقوة , والعمل بشكل جدي , وهذا أمر مناط بالدعاة , بحيث يعتمد هؤلاء على منطقة معينة تكون قاعدة لهم , يرفع مستوى العلم الشرعي فيها , ويوعى الناس بحقيقة الإسلام , وضرورة أن يكون هو السائد لاغيره في حياتنا , واما الجناح المسلح فيمكنه الإستفادة من انواع السلاح التي يمكن تهريبها بحكم إنفلات الأمن , وتخزينه , وتنظيم صفوفه وتقويتها , ثم المطالبة بما شرع السيف لأجله .
وأخيرا
كان طرحي لهذه السيناريوهات بهذه الطريقة , محاولةَ مني للوقوف على الخطوط العريضة التي يمكن أن يكون عليها الوضع في الساحة السورية , وتوقعا لأكثر السنياريوهات إحتمالا , لتلافي مايمكن أن يحاك ضدنا , وقد تعمدت تضمينها ببعض الأسئلة التي لم أرفق أجوبتها معها , حتى أعرف رأي الإخوة فيها , وتحريضا مني لهم على متابعة هذا الملف الشائك الخطير , والمبادرة بتقديم النصح والمشورة والرأي كل بحسب مايستطيع .
ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين , ولكن المنافقين لايعلمون .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
 

عقر دار المؤمنين - الشام المبارك
الخميس 25 صفر 1433