فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ – الرعد 17

el-karamatt222

الناشر: الفقير لله والغني بفيضه ناجي الحازب آل فتله

 

 

 

 

 

 

 

الملصق

للتواصل

 

السنور

جرائم الأحتلال

أعمال شعرية

أعمال تشكيلية

المقالات

المستهل



خطاب لأهلنا في الجزائر: وحرض المؤمنين
للشيخ أبي عبد الإله أحمد حفظه الله

ahmad

 

بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنَّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.
 أمتي المسلمة عامة وأهلنا في الجزائر خاصة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
 يقول الحق سبحانه وتعالى: (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلاً).
 لما رأينا الجزائر المسلمة -معقل الرباط وبلاد الشهداء- تُسام الخسف والهوان، ويتجرَّع أهلها الشرفاء كل أنواع الذل، ويسوقها زمرة من اللصوص إلى أحضان المحتل من جديد، رأينا لزامًا علينا النصح لأهلنا، وتحريض أهل الغيرة والمروءة للوقوف في وجه هذا السيل الجارف من الفساد، وإيقاف مشروع بيع البلاد والعباد قبل فوات الأوان.
 لقد عمد اللص الحقير "بوتفليقة" منذ تسلُّمه مفاتيح الحكم من العسكر إلى رهن سيادة الجزائر وثرواتها في أروقة واشنطن وباريس، بحثًا عن رضاهم، وسعيًا وراء تقاعدٍ مريحٍ في قصر الرئاسة ينهي به مشواره الخيانيّ، وإلا بماذا نفسِّر فتح مكاتب للسي آي إيه والإف بي آي في العاصمة، وقواعد عسكرية للجيش الأمريكي في الصحراء الكبرى؟
 وبماذا نفسِّر وقوف وزير الخارجية "مدلسي" أمام النواب الفرنسيين في باريس والتعرُّض إلى مساءلةٍ مهينة حول برنامج حكومته الفاسدة وإصلاحاتها الوهمية؟
 ألا يعني ذلك في عُرف السياسة أنَّ الجزائر لا تزال ولايةً فرنسية؟
 ألهذا قاتل آباؤنا فرنسا المحتلة؟ ومن أجل هذا دفعنا مليونًا ونصف المليون من الشهداء؟!
 ولكنه الثمن الفادح لتسليم السلاح غداة الاستقلال الملغوم، وإبعاد عقيدة الولاء والبراء عن سدَّة الحكم، ليجد أحفاد "بيجار" و"ماسو" الطريق مفتوحًا للسطو على السلطة بعد ركوبهم قطار الثورة قُبيل نهايتها بتذاكر "لاكوست" وتحت ستار القومية والوطنية.

 أهلنا في أرض الشهداء، لقد جاوز الظالمون المدى، ووصل بهم الحد إلى بيعنا بثمنٍ بخسٍ للعدا، ونحن واجمون كأنَّ على رؤوسنا الطير، وأحسننا حالاً متأسفٌ بارد على ما وصلنا إليه من ذلٍ وهوان بعد سنين طوال من الجري وراء سراب الخائن "بوتفليقة" ووعوده الكاذبة.
 سنين ضيَّع فيها الجزائري -مضرب الأمثال في تحدي الحكَّام الظلمة- الكثير من غيرته ورجولته وشهامته إلى حدٍّ يثير الشفقة، وإلا بماذا نفسِّر عجز شبابنا ورجالنا ودعاتنا عن الثورة على هذه الأوضاع الفاسدة على غرار شعوب أقلّ عددًا ومعاناةً كانت ترى فيه قدوةً قبل عقدين من الزمن؟
 نقول هذا وسوق الجهاد -بحمد الله- قائمة فكيف لو خبت -لا قدَّر الله- جذوة الجهاد؟
 أهلنا الشرفاء في أرض الجهاد والإباء، نحن أبناؤكم وإخوانكم شئتم أم أبيتم، وإنَّ الرائد لا يكذب أهله، وإني لكم ناصحٌ أمين فأعيروني أسماعكم وقلوبكم، فإنَّ الخطب جلل، وإنَّ صراعنا مع النظام الحاكم في بلادنا صراعٌ على العقيدة، وما هما إلا فسطاطان: فسطاط الإيمان وأنصار الشريعة، وفسطاط الكفر المتستِّر بالديمقراطية وأعداء الشريعة، فلينظر أحدنا على أي فسطاط يضع قدميه ومع أي فريقٍ يُحشر غدًا، فإنَّ المرء يُحشر مع من والى ونصر وأحب، ولن تنفعه دعوى الإسلام والإيمان يوم يقف بين يدي مولاه إن لم يُصدِّقها عمل.
 أهلنا في جزائر الشهداء، لقد عمد "بوتفليقة" وشركاؤه في النهب إلى تشويه أبنائكم المجاهدين ليحول بينكم وبين دعمهم ونصرتهم، ونجح في ذلك إلى حدٍّ كبير، وتحوَّل الجهاد إلى إرهاب على ألسنة الكثير من الناس، وأعرض الكثير من أبنائنا وإخواننا عن هذه الفريضة المكتوبة علينا كما كُتِب الصيام والصلاة، وانجرُّوا وراء دعاوى الإرجاء المخذِّلة، ودعوات الجماعات الممالية للطواغيت الظلمة في مخالفةٍ صريحة لهديه وسنَّته وسيرته عليه الصلاة والسلام، وكم يتملَّكنا من الحسرة حين نرى ألوف المصلين يعمرون المساجد ليس فيهم من يصلح للجهاد، ولو خرج من كل مسجدٍ رجلٌ واحد لحدثت الكفاية وزيادة، مصداقًا لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا يُهزم جيشٌ فيه اثنا عشر ألف من قِلَّة"، كيف لا؛ وتعداد مساجدنا الرسمية خمسة عشر ألف مسجد ناهيك عن المصلَّيات الصغيرة، فكيف لو نفر من كل عائلةٍ واحدةٍ مجاهدٌ واحد، ونحن نشكِّل شعبًا بخمسة ملايين عائلة وأربعين مليون نسمة، ولكننا غثاءٌ كغثاء السيل ولا حول ولا قوة إلا بالله.
 أهلنا، نحن أبناؤكم وإخوانكم، وتعلمون –والله- أننا لا نكذبكم ولم تجرِّبوا علينا الكذب والحمد لله، إنَّ "بوتفليقة" وجنرالاته أبناء فرنسا وعبيد أمريكا لم يجرؤوا علينا إلا عندما تخلينا عن الكثير من رجولتنا وغيرتنا وشهامتنا، وتخلينا عن الذود عن حياضنا بسلاحنا، هناك فقط ازداد غيُّهم، وتطاير شرُّهم، وتضاعف نهبهم، بعدما أيقنوا أنَّ أقصى جهدنا هو الإضراب عن الدراسة والعمل أو غلق بعض الطرقات لبعض السويعات، ثم يعود كلٌ إلى بيته ينام ملء جفنيه على وعودٍ كاذبة، اتخذها الظلمة مهدِّئًا لكل هبَّةٍ أو غضبةٍ شعبية يرون فيها تهديدًا لعروشهم، فإلى متى نبقى نصدِّقهم في كذبهم، أَمَا لنا إلى صحوةٍ من سبيل؟ نسأل الله أن يكون قريبًا.
 أهلنا في الجزائر عامة وشبابها أمل الأمة خاصة، لقد هبَّت على أمتنا رياح الثورات، ولكننا رجعنا بخفَّي حنين وافتقدناكم في ميادين التحرير بعدما ضاقت بكم مدرَّجات الملاعب، وحق للخائن "بوتفليقة" أن يهنأ بعيشٍ هنيٍّ، ويفخر بزندقته وديمقراطيته ملء فِيهِ، بعدما نجح بسحر الكرة والمزامير والفضائيات في تحقيق ما عجز أسلافه عن تحقيقه بالدبابات والمدرَّعات.
 إنَّ الوضع المزري الذي آل إليه حال البلاد والعباد يتحمل مسؤوليته بعد الحكام الخونة علماء الأمة بسكوتهم عن الحق خوفًا وطمعًا، بل وممالأة "بوتفليقة" وزبانيته على جرائمهم، ناسين أو متناسين قوله سبحانه: (وَإِذَ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ)، ولو صدعوا بالحق وصدقوا في النصح للأمة لكان حال هذا الشعب المقهور خيرًا بكثيرٍ مما آل إليه من الذل والهوان والمسخ والانحلال، وإنا لنتساءل أين علماء الأمة من تغييب الشريعة عن أروقة الحكم؟
 وأين علماء الأمة من ارتكاب الحكَّام الفاسدين للنواقض العشرة؟
 وأين علماء الأمة من انتشار الفجور والسفور بين أبنائنا وبناتنا، وما يترتب عليه من فسادٍ وضعفٍ تدفع ثمنه الأجيال القادمة؟
 وأين علماء الأمة من معاناة إخواننا وأخواتنا في سجون ولي أمرهم المزعوم؟
 أمَّا الجهاد فهم -للأسف الشديد- أبعد الناس عنه وكأنهم ليسوا به مخاطَبين! وإن تكلَّموا فيه فطعنًا في المجاهدين، وتثبيطًا للشباب الصالحين المتحرِّقين لنصرة الدين وإخوانهم المستضعفين.
 إلا أنَّ كلَّ هذا لا يعفينا من مسؤولياتنا تجاه هذا الدين يوم يقوم الناس لرب العالمين، كيف لا؛ وهذه جيوش الردة قد عجَّت بأبناء المسلمين، ولو نفروا في سبيل الله لكان وضعنا غير الذي نحن فيه، ولكنهم آثروا وعد الجنرالات على موعود رب الأرض والسماوات، فلم يجنوا إلا جهنَّم لمن مات، والحسرة والندم لمن بقي على قيد الحياة، خصوصًا إذا صار من أولي العاهات، وأُلقي به خارج الثكنات، وعددهم اليوم -حسب مصادرهم الرسمية- خمسة وستون ألف عسكري من مختلف الرتب والتخصصات، وقل مثل ذلك في الحركى الجدد من الباتريوت والحرس البلدي البليد، عبيد كل زنديقٍ وعربيد، والمقدَّر عددهم بعشرات الألوف ولكنها ألوفٌ كأُف، ناصبوا المجاهدين العداء، وسالموا الحكام الفاسدين أصل الداء وجذور البلاء، وها هو الطاغوت يريد التخلص من أكثرهم بعدما أنهكتهم الأمراض والعاهات، والآخرة أدهى وأمرّ إلا من تاب وآمن وعمل صالحًا قبل القدرة عليه أو وصول أجله.
 إنَّنا اليوم بعد هذه السنوات العصيبة ننصح المتورطين في حربهم للإسلام والحيلولة دون تطبيق الشريعة أن يراجعوا أنفسهم، ويتوبوا من فعلتهم قبل فوات الأوان، كما نجدد دعوتنا للعلماء الصادقين، والدعاة المخلصين، وأنصار الشريعة أهل الغيرة والمروءة أجمعين، لتوحيد الجهود والتعاون على البرِّ والتقوى (حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِله)، والتآزر والتناصر حتى نحكِّم الشريعة ونحرِّر آخر شبرٍ من أراضي المسلمين.
 فيا أسود العاصمة والبليدة والشلف والمدية وبومرداس والبويرة، هذا يومكم اخرجوا لنصرة دينكم والذبِّ عن أعراضكم واستنقاذ أموالكم، قال تعالى: (انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).
 ويا ليوث القبائل الأحرار أحفاد طارق وعميروش، عودوا إلى دينكم وغيرتكم، واصطفوا خلف إخوانكم المجاهدين لاسترجاع أمجادكم ومكانتكم بين جيوش الفتح الإسلامي القادم بإذن الله.
 ويا صناديد الشمال القسنطيني والأوراس -مهد الشجاعة والبطولات-، أعيدوها خضراء جذعًا لاسترجاع عزِّكم الضائع واستقلالكم المسلوب، وقِفُوا من جديد تحت راية التوحيد وتبرءوا من راية الوثنية -راية الشرك والتنديد- تفلحوا وتفوزوا برضا رب العبيد.
 ويا أبطال غرب البطولة والرباط في بلعباس وسعيدة ومعسكر وتلمسان وتيارة ووهران، لا عزَّ لكم إلا بالجهاد، ولا خلاص لكم إلا بالقتال في سبيل الله.
كُتِب القتل والقتال علينا * * * وعلى الغانيات جرُّ الذيولِ
فالله الله في دينكم، والله الله في إخوانكم وجيرانكم في المغرب الأقصى الذين يجأرون إلى الله تحت سياط القهر، ويستصرخونكم صباح مساء، أَوَ ما تسمعون صرخاتهم وقد بلغت الآفاق؟! أفإلى هذا الحد فقدنا الغيرة وتبلَّد منَّا الإحساس؟!
 ويا فرسان الصحراء الكبرى -أهل الكرم والشهامة- من بسكلة إلى الأغواط ومن الجلفة إلى الهوقار، قوموا على أمشاط أرجلكم، وعانقوا السلاح على غرار آبائكم وأجدادكم الذين دخلوا هذه الأرض فاتحين وداعين إلى الله مصلحين، فلم يبق إلا السلاح لمعانقة المجد والخلاص من حكم السفَّاح، فلا مجال لتحقيق العدل في تقسيم الثروة إلا في ظل الشريعة المحفوظة بسياج الجهاد وصليل السيوف الحداد.
(وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ)
والحمد لله رب العالمين.
نُشر في 16 صفر 1433 هـ ـ 10 كانون الثاني 2012م